تجاوز تطبيق “واتساب” حدود كونه مجرد وسيلة تواصل عادية، ليتحول إلى محور جدل أمني واسع في قلب الصراع الإيراني الإسرائيلي، حيث تتهم طهران التطبيق بكونه أداة تجسس إسرائيلية، بينما تكشف تقارير دولية عن استخدام بياناته في عمليات الاستهداف والاغتيال.
في خطوة غير مسبوقة، أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية إزالة تطبيق واتساب رسمياً من أجهزتها، وسط تحذيرات رسمية تؤكد أن “البرنامج يجمع معلومات عن الأفراد ويسجل آخر مواقعهم واتصالاتهم ويقدمها للعدو الصهيوني”، وفقاً لوكالة “إمنا” الإيرانية.
وفي بث تلفزيوني مباشر، حثت إحدى مقدمات البرامج المواطنين على حذف التطبيق فوراً، محذرة من “مخاطر جدية تتعلق بالأمن القومي” نتيجة تسريب البيانات لجهات خارجية.
كشفت شرطة محافظة جيلان الإيرانية عن معلومات صادمة حول سلسلة “الاغتيالات المستهدفة” التي طالت علماء ومسؤولين أمنيين، مؤكدة أن إسرائيل استخدمت تتبع الهواتف المحمولة كوسيلة رئيسية في عمليات الاستهداف.
وأوضح بيان الشرطة أن تطبيقات مثل واتساب وتليجرام وتطبيقات تحديد المواقع “تسجل وتنشر موقع المستخدم فور تشغيل الهاتف أو توصيله بالإنترنت”، معتبرة استخدامها في الظروف الراهنة “تهديداً بالغاً على سلامة الأفراد”.
إجراءات أمنية طارئة
استجابت قيادة الأمن السيبراني الإيرانية بإجراءات صارمة، داعية إلى “تقليل استخدام الأجهزة الذكية المتصلة بالإنترنت إلى الحد الأدنى”، ومنعت المسؤولين والأجهزة الأمنية من استخدام أي أجهزة مرتبطة بالشبكات، بما في ذلك الهواتف والساعات الذكية.
تزامنت هذه الإجراءات مع تقارير عن اضطرابات وانقطاعات واسعة للإنترنت شملت نظام “رادار” التابع لشركة Arvan Cloud ولوحة معلومات شركة الاتصالات.
المخاوف الإيرانية ليست بلا أساس، فقد كشفت تحقيقات دولية أجرتها مجلة “+972″ العبرية و”ذا جارديان” البريطانية و”إلبايس” الإسبانية، عن استخدام الجيش الإسرائيلي لنظام ذكاء اصطناعي يُدعى “لافندر” لتحديد أهدافه البشرية في غزة.
هذا النظام المدعوم من شركة “ميتا” المالكة لواتساب، صنف نحو 37 ألف فلسطيني كأهداف محتملة خلال الأسابيع الأولى من الحرب، واستُخدم في تنفيذ ما لا يقل عن 15 ألف عملية قتل وفقاً للتقارير.
كشف الناشط التقني الأيرلندي بول بيجار، مؤسس أول مبادرة رقمية لدعم فلسطين، أن مجرد وجود الشخص في مجموعة واحدة مع مشتبه به من حماس كافٍ لإدراج اسمه على “لائحة القصف”.
وأوضح بيجار أن سكان غزة يستخدمون مجموعات واتساب للتواصل العادي، مما يجعل الكثيرين عرضة للاستهداف دون أي دليل فعلي على انتمائهم لأي جناح مسلح.
يطرح خبراء الخصوصية تساؤلاً محورياً: من أين يحصل نظام “لافندر” على هذه البيانات؟ ويشير بيجار إلى أن “ميتا” ربما تشارك هذه البيانات مع إسرائيل، متناقضة مع مزاعمها حول تشفير الرسائل وحماية الخصوصية.
واتهم بيجار الشركة بأنها “متواطئة في عمليات إبادة جماعية” عبر دعمها لنظام الاستهداف الإسرائيلي، مشيراً إلى ترويجها للدعاية الإسرائيلية وحذف المحتوى المتضامن مع فلسطين.
عزز من هذه الاتهامات دعم مارك زوكربيرج العلني للخطاب الإسرائيلي، حيث تبرع بـ125 ألف دولار لمنظمة “زاكا” المتهمة بترويج ادعاءات كاذبة حول أحداث 7 أكتوبر.
الضربة القاضية للقيادة الإيرانية
وجهت الضربات الإسرائيلية الأخيرة ضربة قوية لسلسلة القيادة العسكرية الإيرانية، حيث قُتل 14 عالماً نووياً في هجمات جوية وسيارات مفخخة بالعاصمة طهران، وفقاً لوكالة “رويترز”.
في تصعيد خطير، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة “تعلم أين يختبئ” المرشد الإيراني علي خامنئي، واصفاً إياه بـ”الهدف السهل”، محذراً من أن “صبرنا بدأ ينفد” حيال إطلاق الصواريخ على المدنيين والجنود الأمريكيين.
تكشف هذه التطورات عن تحول جذري في طبيعة الحروب الحديثة، حيث باتت تطبيقات التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من آلة الحرب والاستهداف، مما يطرح تساؤلات جدية حول خصوصية البيانات ودور شركات التكنولوجيا في النزاعات المسلحة.
نقلًا عن:” القاهرة الإخبارية”